بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علناً فى يوم السبت الموافق 4/1/2003 م برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزو رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / على فكرى حسن صالح ويحيى خضرى نوبى محمد وأحمد عبد الحميد حسن عبود و محمد أحمد محمود محمد نــواب رئيس مجلس الدولة وحضــــور السيد الأستاذ المستشار / فريد نزيه حكيم تناغو نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
فى الطعن رقم 11604 و 12081 س 46 ق عليا
المقــــــــام أولهما من :
رئيس مجلس الشورى بصفته رئيساً للجنة شئون الأحزاب السياسية
ضـــــــــــــــد
إبراهيم محمود شكرى بصفته رئيس حزب العمل الاشتراكى
ورئيس مجلس إدارة جريدة الشعب
والمقام ثانيهما من :
إبراهيم محمود شكري بصفته رئيس حزب العمل الاشتراكي
ورئيس مجلس إدارة جريدة الشعب
ضـــــــــــــــد
رئيس مجلس الشورى بصفته رئيساً للجنة شئون الأحزاب السياسية
عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري " الدائرة الأولى " بجلسة 9/9/2000 في الدعوى رقم 11525 لسنة 54 ق
في يوم الاثنين الموافق 18/9/2000 أودع الأستاذ المستشار / رفيق عمر شريف نائب رئيس هيئة قضايا الدولة بصفته نائباً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 11604 لسنة 46 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة " الدائرة الأولى " في الدعوى رقم 11525 لسنة 54 ق. بجلسة 9/9/2000 القاضي منطوقة : ( أولاً : برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من وقف إصدار صحف حزب العمل الاشتراكي , وبقبول هذا الطلب شكلاً , وبوقف تنفيذ هذا الشق من القرار وما يترتب على ذلك من آثار , وألزمت جهة الإدارة مصروفات هذا الطلب وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان , وبإحالة هذا الشق من الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيره وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعه .
ثانياً : بعدم اختصاصها بنظر طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من وقف نشاط الحزب , وأمرت بإحالة هذا الشق من الدعوى إلى الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه في المادة رقم 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية وأبقت الفصل في مصروفاته وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم / بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع .
أولاً : بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من وقف تنفيذ قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية الصادر بتاريخ 24/7/2000 فيما تضمنه من وقف إصدار صحف حزب العمل الاشتراكي .
ثانياً : بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر هذا الشق وإحالته إلى الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه فى المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية .
ثالثاً : بإلزام المطعون ضده بالمصروفات القضائية ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي .
وفى يوم الخميس الموافق 21/9/2000 أودع الأستاذ /........ المحامى نائباً عن الأستاذ / ............. المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 12081 لسنة 46 ق. عليا طعناً على ذات الحكم / طالباً – للأسباب المبنية بتقرير الطعن – الحكم / بقبول الطعن شكلاً والقضاء : أصليا : أولاً : وبصفه مستعجلة بصدور الحكم بوقف تنفيذ الحكم الصادر بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى – بنظر طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من وقف نشاط الحزب وإحالة هذا الشق إلى الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه فى المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية .
ثانياً :بإلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري فيما قضى به من الحكم بعدم الاختصاص والإحالة في الدعوى رقم 11525 لسنة 54 ق موضوع هذا الطعن – والقضاء مجدداً بالآتي :
(1) بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بتاريخ 24/7/2000 من لجنة شئون الأحزاب السياسية الموضح بصدر هذا الطعن , مع ما يترتب على ذلك من آثار ومع تنفيذ الحكم بموجب مسودته وبدون إعلان .
(2) في الموضوع بإلغاء القرار المشار إليه, مع ما يترتب على ذلك من آثار .
(3) بإلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .
وقد جرى إعلان تقريري الطعنين إلى أصحاب الشأن على النحو الثابت بالأوراق .
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعنين ارتأت فيه الحكم / أولاً بقبول الطعن رقم 12081 لسنة 46 ق. عليا شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات ، /ثانياً : بقبول الطعن رقم 11604 لسنة 46 ق. عليا شكلاً , وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فى شقه الخاص بوقف إصدار صحف حزب العمل والقضاء بعدم اختصا محكمة القضاء الإدارى بنظر طلب وقف تنفيذ وإلغاء هذا الشق من القرار المطعون فيه وإحالته إلى الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه فى المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 مع إلزام المطعون ضده المصروفات .
وقد عرض الطعنان على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 3/7/2001 وتداول الطعنان بالجلسات على الوجه الثابت بالمحاضر وبجلسة 19/11/2001 قررت تلك الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الأولى ) موضوع : وحددت لنظرهما أمامها جلسة 8/12/2001 , وقد نظرت المحكمة الطعنين بالجلسات على الوجه المبين بالمحاضر وبجلسة 8/12/2002 قررت إصدار حكمها فيهما بجلســة 4/1/2003 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء في شهر .
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
المحكمـــــــــــــــــــة
بعـــد الإطــلاع علـــى الأوراق و سمـاع الإيضاحات و بعد المداولة قانونــاً .
من حيث إن كلا الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية .
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه , وسائر الأوراق – فى إن المطعون ضده ( إبراهيم محمود شكرى ) أقام الدعوى رقم 11525 لسنة 54 ق أمام محكمة القضاء الإداري " الدائرة الأولى " بموجب صحيفة مودعة قلم كتابها بتاريخ 2/8/2000 بطلب الحكم / بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بتاريخ 24/7/2000 من لجنة شئون الأحزاب السياسية الموضح يصدر العريضة – مع ما يترتب على ذلك من آثار والأمر بتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان , وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار , مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات على سند من القول أنه بتاريخ 24/7/2000 صدر قرار لجنة شئون الأحزاب المطعون فيه متضمناً : أولاً : الموافقة على التقدم إلى المحكمة الإدارية العليا – بتشكيلها المنصوص عليه في المادة 8 من قانون الأحزاب السياسية بطلب الحكم بصفة مستعجلة بحل حزب العمل الاشتراكي وتصفية أمواله وتحديد الجهة التى تؤول إليها هذه الأموال .
ثانياً : وقف إصدار صحف الحزب ووقف نشاطه .
ثالثاً : إبلاغ النيابة العامة بصورة من تقرير المدعى العام الاشتراكي لإجراء شئونها , وناعياً على هذا القرار بعدم مشروعيته وانعدامه من أساسه , لأسباب توجز في أن ما تصدره لجنة شئون الأحزاب السياسية من قرارات تعد قبيل القرارات الإدارية التى تنبسط عليها رقابة المشروعية المنعقدة للقضاء الإدارى وكان البادى أن هذا القرار صدر استنادا إلى التحقيقات التى أجراها المدعى العام الاشتراكى فى البلاغ رقم 79 لسنة 2000 بشان الوقائع المنسوبة لحزب العمل الاشتراكي وقياداته وإن انعدام الأسباب فى القرار الطعنين تتأكد من خلال ثلاثة محاور :
أولها : إنه لم يكن هناك تحقيق ولا مواجهة باتهامات مزعومة .
وثانيها : أن القرار الطعين لم يورد سوى عبارات مرسلة تعتبرها والعدم سواء ولا يمكن أن تنهض كسبب يبرر إصداره .
وثالثها : أن ما نشر فى الصحف السيارة عن تقرير المدعى العام الاشتراكى المشار إليه وعن المخالفات المزعومة والتى لا أساس لها والمدعى ورفاقه يتحدون جهة الإدارة ومحركى السياسة قاطبة أن يقدموا أى دليل على إدانة سياسية كانت أو جنائية للحزب أو لقياداته مجتمعة أو فرادى , كما أن هذا القرار قد شابه عيب اغتصاب السلطة والعدوان على الدستور لعدم الاختصاص فى وقفف صحيفة الحزب لمخالفته الصارخة لنص المواد 48 و 208 وما بعدها من الدستور والمادة 5 من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة والتى حظرت مصادرة الصحف أو تعطليها أو إلغاء ترخيص بالطريق الإدارى , فضلاً عن عيب الانحراف فى استعمال السلطة بدعوى أن لجنة شئون الأحزاب السياسية اندفعت إلى إصدار القرار الطعين يوم 24/7/2000 وذلك قبل اليوم المحدد لإصدار الحكم فى الدعويين المقامتين من المدعى , فكان ذلك التفافاً
ومصادرة على ما عسى أن يحكم به القضاء , وهو ما يمكن أن يوصف بانعدام اللياقة السياسية , فضلاً عن عدم المشروعية الدستورية الصارخة .
وبجلسة 9/9/2000 أصدرت محكمة القضاء الإدارى " الدائرة الأولى " حكمها المطعون فيه وشيدت المحكمة قضاءها فى الشق الأول من حكمها الطعين – بعد رفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر طلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية المطعون فيه فيما تضمنه من وقف إصدار صحف حزب العمل الاشتراكى على أساس أنه لما كان وقف الصحف بالطريق الإدارى قد نسخ دستورياً عام 1980 وفقاً لنتيجة الاستفتاء الذى أجرى بتاريخ 22 من مايو سنة 1980 وإيراده الأحكام الخاصة بسلطة الصحافة فى الباب السابع المضاف بناء على ذلك متضمناً المادة رقم 208 من الدستور والتى كفلت حرية الصحافة وخطرت الرقابة على الصحف وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإدارى ثم ألغى قانوناً بالقانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة , فإن ثمة انفكاكا قد حدت بالنسبة لاختصاص لجنة شئون الأحزاب السياسية بوقف صحف الأحزاب المنصوص عليه فى المادة 17 من قانون تنظيم الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 معدلاً بالقانون رقم 36 لسنة 1979 وذلك بقوة ما ذكر ومن ثم فإذا ما عمدت إلى استخدام سلطتها بشأن اختصاص قد أبطل وأندثر , وبخصوص أمر قد نسخ ثم ألغى , فلا يكون للدائرة المنصوص عليها فى المادة 8 من قانون تنظيم الأحزاب السياسية اختصاص فى رقابة ما صدر عنها انئذ ويكون لمحكمة القضاء الإدارى رقابة مشروعيته نزولاً على أحكام قانون مجلس الدولة وصدوداً عن أى تشريع لا يمثل سنداً سواه – على انه لما كان البادى من ظاهر الأوراق أنه بعد أن انتهى المدعى العام الاشتراكى من وضع تقريره حول ما نسب للحزب والذى يمثله المدعى من مخالفات بالبلاغ رقم 79 لسنة 2000 عرض هذا التقرير على لجنة شئون الأحزاب السياسية فاصدرت قراراً بتاريخ 24/7/2000 متضمناً وقف إصدار صحف حزب العمل الاشتراكى وإنه وإذ انعدم اختصاص تلك اللجنة منذ تعديل الدستور عام 1980 ثم صدور القانون رقم 96 لسنة 1996 المشار إليه فإن قرارها يكون هو والعدم سواء – الأمر الذى يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فى شقه الخاص بوقف صحف الحزب , كما أن ركن الاستعجال يعتبر توافراً لما يترتب على تنفيذ هذا القرار فداحة الأثر بنيله من حق دستورى وحرية من الحريات العامة التى كفلها الدستور .
كما أقامت المحكمة قضاءها فى الشق الثانى من منطوقه حكمها المطعون فيه بعدم اختصاصها بنظر طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من وقف نشاط الحزب على أساس أن المشرع أسند الاختصاص بنظر هذا القرار إلى الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا برئاسة رئيس مجلس الدولة مضموماً إلى تشكيلها عدد مماثل من الشخصيات العامة طبقا لأحكام المادتين 8 , 17 من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية .
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 11604 لسنة 46 ق. عليا مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تأويله وتطبيقه للأسباب الآتية :-
أولاً : أن الثابت أنه صدر قرار بوقف نشاط الحزب ,والمختص بنظره دائرة شئون الأحزاب السياسية بالمحكمة الإدارية العليا , ومن ثم فإنه لا يتصور قيام صحيفة حزبية بمباشرة نشاط حزب موقوف وهى ليست لها شخصية اعتبارية مستقلة ومن ثم فإن الفصل فى طلب وقف إصدار صحف الحزب يرتبط بالفصل فى طلب حل الحزب المقدم للدائرة المذكورة أو بالفصل فى الطعن فى قرار وقف نشاط الحزب من المحكمة المختصة به , الأمر الذى يتنفى معه وجه الاستعجال الذى قال الحكم المطعون فيه خطأ بتوافره .
ثانياً : إن الحكم الطعين قد شابه التناقض وتنافر الأسباب التى قام عليها مع التطبيق السليم لأحكام قانون الأحزاب السياسية حيث يتضح ذلك من مقارنة الأسباب التى قام عليها الحكم الصادر فى الدعويين رقمى 8368 و 8687 لسنة 54 ق. بجلسة 25/7/2000 – من ذات المحكمة – وأسباب الحكم محل الطعن الماثل – حيث قامت أسباب الحكم الأول على أساس التسليم بوجود الاختصاصات المنصوص عليها بالمادة 17 من قانون تنظيم الأحزاب السياسية – عادت لتقرر فى أسباب حكمها المطعون فيه عكس ذلك مقررة عدم تعرضها لما تضمنته المادة 17 سالفة الذكر لاثبات علاقته – وقتئذ – بالفصل فى الدعويين المشار إليهما , كما أنه لا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من تقرير نسخ حكم المادة 17 المشار إليها على نحو ما جاء بأسبابه – ذلك أن القانون رقم 40 لسنة 1977 وهو من القوانين المكملة للدستور لم يلحقه أي نسخ بمناسبة التعديل الدستوري في عام 1980 – وتأكدت دستوريته ومشروعية أحكامه بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 44 لسنة 7ق بجلسة 7/5/1988 – تواترت أحكام المحكمة الإدارية العليا على مشروعية هذا القانون ومنها حكمها الصادر في الطعن رقم 330 لسنة 46 ق.عليا بجلسة 4/6/200 فضلاً عن أحكام القانون رقم 96 لسنة 1996 تمثل الشرعية العامة للصحف ايا كان مالكها أو مصدرها في حين أن الأحزاب الصحفية تخضع لأحكام خاصة وردت في قانون تنظيم الأحزاب السياسية ومن المقرر أن العام لا يقيد الخاص ولا ينسخه متى كان الحكم تضمنه قانون مكمل للدستور طبقاً لما سلف.
ثالثاً : انه لو صح – وهو غير صحيح – أن قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بوقف صحف الحزب مخالف للقانون رقم 96 لسنة 1996 ، بشأن تنظيم الصحافة الذي يحظر تعطيل الصحف بالطريق الإداري فإن ذلك يشكل عيب مخالفة القانون يلحق بالقرار ، فإن العيوب التي تلحق القرارات الإدارية إذا كانت مبررة للطعن فيها ، فإن ذلك يكون أمام المحكمة المختصة التي تستظهر عيب القرار وتقضي بوقف تنفيذه وإلغائه ولا يملك ذلك غيرها .
رابعا : إنه بافتراض – وهو غير صحيح – إن قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996 قد ألغى السلطة المقررة في المادة 17 من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 بوقف إصدار صحف الحزب ثم أردفتها بحقها في وقف نشاط الحزب وهو حق باق ومقرر وغير منكور فإذا أصدرت تلك اللجنة قرارها بذلك فـإن من أثار وقف إصدار صحف
الحزب لأن هذه الصحف لا يتصور صدورها إلا كنشاط من أنشطة الحزب لكونها تصدر كصريح نص المادة 15 من قانون الأحزاب السياسية " للتعبير عن آرائه " فكيف تعبر عن آرائه ونشاطه موقوف ، كذلك فإن هذه المادة تقرر مسئولية رئيس الحزب بما ينشر فيها فأين هو رئيس الحزب الموقوف نشاطه لمساءلته .
وأختتم الطاعن تقرير طعنه بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لما يترتب على تنفيذ هذا الحكم المرجح الإلغاء من النتائج ما يتعذر تداركه .
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 12081 لسنة 46ق.عليا مخالفته الحكم المطعون فيه للقانون في شقه الخاص بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من وقف نشاط الحزب وإحالة هذا الشق إلى محكمة الأحزاب للسببين التاليين :-
أولهما : سقوط قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 برفضه وعدم قيامه بعد تعديل المادة الخامسة من الدستور في يناير سنة 1980 التي أوجبت صدور قانون جديد للأحزاب لتنظيمها وليس لوضع قيود عليها . وثانيهما : عدم دستورية القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بالأحزاب السياسية حتى لو أفترض قيامه بمخالفته لمواد 1 ،3 ،40 ،41 ،47 ،54 ،57 ،62 ،165 ،166 ،167 ،172 ، 208 ، 209 من الدستور مما يستلزم إحالة الطعن على هذا القانون بعد الدستورية إلى المحكمة الدستورية العليا .
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية دفعت أمام محكمة القضاء الإداري التي أصدرت الحكم المطعون فيه بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى في شأن القرار المطعون فيه الصادر عن لجنة شئون الأحزاب السياسية بتاريخ 24/7/2000 . واختصاص المحكمة الإدارية العليا – دائرة الأحزاب السياسية – بنظرها .
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن البحث في الإختصاص سابق بطبيعته على تحقق المحكمة وتثبتها من استيفاء الدعوى لإجراءات وشروط قبولها ، وكلاهما سابق أيضاً على الخوض في موضوعها ، وله استقلاله الذي يوجب البت فيه قبل أي دفع أو دفاع أخر ، إذ تلتزم المحكمة بالتصدي لبحث الدفع بعدم الاختصاص أولاً للوقوف على ما إذا كان النزاع المطروح عليها داخلاً في نطاق اختصاصها المحدد لها قانوناً أم لا ، حيث لا تترخص في الفصل فيما يدخل في اختصاصها والتخلي عن اختصاص مقدر لها وفقاً للقانون وإنما تلتزم بالاختصاص المنوط بها قانوناً ، وبنفس القدر لا يجوز لها أن تتجاوز نطاق ولايتها ، حتى لا تقضي في خصومة خارجة عن اختصاصها ، فكلا الحالتين ممتنعتان عليها وفقاً للدستور والقانون وباعتبار أن الدفع بعدم الاختصاص الولائي أو النوعي يعتبر دائماً مطروحاً على المحكمة لتعلقه بالنظام العام ، ويجوز للمحكمة التصدي له من تلقاء نفسها ولو لم يدفع به أي من الخصوم ، فلا يسقط الحق في إبدائه والتمسك به ولوتنازل عنه الخصوم ، ويجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة الطعن إذا لم يسبق الدفع به أمام محكمة الموضوع ، كما يجوز لمحكمة الطعن أن تثيره من تلقاء نفسها، وعلى ذلك يجوز إثارته في أي حالة تكون عليها الدعوى إعمالاً لأحكام المواد 165 ،167 ،172 من الدستور وأحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة .
ومن حيث إن مقطع الفصل في النزاع ينحصر في بيان ما إذا كان القرار مثار النزاع الماثل الذي أصدرته لجنة شئون الأحزاب السياسية طبقاٍ للاختصاص المسند إليها وفقاً لأحكام القانون رقم 40 لسنة 1977 م بشأن نظام الأحزاب السياسية تختص بنظره محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ووفقاً للاختصاص المنوط بها وفق أحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة أم يدخل في اختصاص المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه في المادة 8 من قانون الأحزاب السياسية المشار إليه .
ومن حيث إن المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية والمعدلة بالقانون رقم 144 لسنة 1980 والقانون رقم 114 لسنة 1983 تنص على أنه : ( تشكل لجنة شئون الأحزاب السياسية على النحو التالي : 1- رئيس مجلس الشورى ................... وتختص اللجنة بالنظر في المسائل المنصوص عليها في هذا القـــانون ، وبفحص ودراسة اخطارات تأسيس الأحزاب السياسية طبقاً لأحكامه ..........
ويجوز لطالبي تأسيس الحزب خلال الثلاثين يوماً التالية لنشر قرار الاعتراض في الجريدة الرسمية أن يطعنوا بالإلغاء في هذا القرار أمام الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة ، على أنه ينضم لتشكيلها عدد مماثل من الشخصيات العامة يصدر باختيارهم قرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية من الكشوف الخاصة بالشخصيات العامة المنظمة وفقاً لحكم المادة 28 من القانون رقم 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم من العيب ....." كما تنص المادة 17من ذات القانون المعدلة بالقانون رقم 36 لسنة 1979 على أنه : ( يجوز لرئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية – بعد موافقتها – أن يطلب من المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه في المادة 8 الحكم بصفة مستعجلة بحل الحزب وتصفية أموالها وتحديد الجهة التي تؤول إليها هذه الأموال ، وذلك إذا ثبت من تقرير المدعي العام الاشتراكي بعد التحقيق الذي يجريه ، تخلف أو زوال أي شرط من الشــــــروط المنصوص عليها في المـــادة 4 من هذا القـــــانون ..............
ويجوز للجنة شئون الأحزاب السياسية لمقتضيات المصلحة القومية ، وقف إصدار صحف الحزب أو نشاطه أو أي قرار أو تصريح مخالف أتخذه الحزب وذلك في الحالة المبينة في الفقرة الأولى من هذه المادة أو كان مترتباً على هذه المخالفة أو في حالة ما إذا ثبت لدى اللجنة من تقرير المدعي العام الاشتراكي والمشار إليه في الفقرة الأولى خروج أي حزب سياسي أو بعض قياداته أو أعضائه على المبادئ المنصوص عليها في المادتين ( 3 ،4 ) من هذا القانون . ............................ وتسرى بالنســــــــبة للطعن في قرار الإيقـــــاف الإجراءات والمواعيد والأحكام المنصوص عليها في الفقرتين الحادية عشرة والثانية عشرة من المادة 8 من هذا القانون . )
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 المشار إليه قد أوردت تنظيماً خاصاً لتشكيل محكمة الأحزاب السياسية من دائرة المحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة ، مضافاً إلى تشكيلها في قانون مجلس الدولة عدد مماثل من الشخصيات العامة ، وتعتبر هذه المحكمة بتشكيلها المتميز على ما يجري به قضاء هذه المحكمة – جهة قضاء متخصصة قد أنشأها المشرع كمحكمة أصلية وأساسية ومخصصة وحدها بمنازعات تلك الأحزاب، مبيناً اختصاصاتها ومحدداً ما يدخل في ولايتها حصراً ، فخولها اختصاصاً منفردأ دون غيرها في الفصل في الطعون المتعلقة بالإجراءات والقرارات التي تتخذها لجنة شئون الأحزاب السياسية وفقاً للضوابط والإجراءات النصوص عليها في المادتين 8 ، 17 المشار إليهما سلفاً ، ومنظماً إجراءات ومواعيد خاصة للطعن على قرارات تلك اللجنة ، ومانعاً أي جهة من مزاحمتها في هذا الاختصاص ومستبعداً من مهامها ما لا يندرج تحته . ومن قبيل المنازعات التي تدخل في ولاية المحكمة المذكورة الطعن بالإلغاء في قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بشأن الاعتراض على تأسيس الحزب ، وحل الحزب وتصفية أمواله وتحديد الجهة التي تؤول إليها ووقف إصدار صحف الحزب أو نشاطه ومن ثم تخرج المنازعات التي لم يرد بشأنها نص في المادتين السابقتين ولا تدخل في نطاق أحكامها باعتبارها من المنازعات الخاصة بالأحزاب السياسية من اختصاص محكمة الأحزاب السياسية ويكون ولاية الفصل فيها لمحاكم مجلس الدولة المنشأة وفقاً لأحكام المادة 172 من الدستور بمقتضى أحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة .
ومن حيث إن البين من الأوراق أن المنازعة بين أطراف الخصومة أمام محكمة القضاء الإداري المطعون في حكمها كانت تنصب على قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية الصـــادر بتاريخ 24/7/200 م بكافة مشتملاته والمتضمن في البنـــــد أولاً منه : ( موافقة تلك اللجنة على التقدم إلى المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه في المادة 8 من قانون الأحزاب السياسية بطلب الحكم بصفة مستعجلة بحل حزب العمل الاشتراكي وفي البند الثاني منه ( وقف إصدار صحف الحزب ووقف نشاطه .وانه متى كان ذلك وكذلك لجنة شئون الأحزاب السياسية وهي لجنة دائمة ومستمرة – تعتبر في حقيقتها بحكم تكوينها وبحسب اختصاصها وسلطاتها في البحث والتقصي – هي لجنة إدارية وأن ما يصدر عنها من قرارات هي قرارات إدارية ومحلاً لدعوى الإلغاء بالمعنى الوارد بقانون مجلس الدولة وكذلك بقانون الأحزاب السياسية ،وإذ ثبت مما تقدم أن النزاع بين الطاعن ممثل حزب العمل الاشتراكى ولجنة شئون الأحزاب السياسية يندرج ضمن الحالات التى حددتها على سبيل الحصر المادتين 8, 17 من القـانون الخاص بالأحزاب الســــياسية وفق ما سبق بيانه ومن ثم يضحى الاختصاص بالنزاع الماثل طبقاً لأحكام الدســـــــتور وقانون الأحزاب السياسية وقانون مجلس الدولة معقوداً للدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه فى المادة 8 من قانون الأحزاب المشار إليه .
ومن حيث إنه يبين مما سلف بيانه أنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة فى الشق الثانى من قضائه سالف الذكر يكون قد أصاب صحيح حكم القانون للأسباب التى استند عليها والنتيجة التى خلص إليها ويكون طعن الطاعن بالطعن رقم 12081 لسنة 46 ق. عليا فى غير محله – جديراً بالرفض إلا أن الحكم الطعين وقد ذهب غير هذا المذهب فى الشق الأول من قضائه آنف الذكر , فإنه يكون والحال هذه قد صدر مخالفاً لصحيح حكم القانون حرياً بقبول الطعن رقم 11604 لسنة 46 ق. عليا – عليه بالإلغاء الأمر الذى يتعين معه الحكم بإلغاء الحكم المطعــــون فيه فيما قضى به فى البند أولاً : منه برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من وقف إصدار صحف حزب العمل الاشتراكى وبقبول هذا الطلب شكلاً وبوقف تنفيذ هذا الشق من القرار ... والقضاء مجدداً بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى بنظر هذا الشق من النزاع وإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه فى المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 77 فى شأن الأحزاب السياسية للاختصاص .
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بالمصروفات طبقــــاً لحكم المادة 184 مرافعات .
فلهــــــذه الأســــــــــــباب
حكمت المحكمة :
أولاً : بقبول الطعن رقم 11604 لسنة 46 ق. عليا شكلاً وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدفع بعدم الاختصاص بنظر طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من وقف إصدار صحف حزب العمل الاشتراكى وبقبول هذا الطلب شكلاً وبوقف تنفيذ هذا الشق من القرار وما يترتب على ذلك من آثار – والقضاء مجدداً بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى بنظر طلب وقف تنفيذ وإلغاء هذا الشق من القرار المطعون فيه وإحالته إلى الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه فى المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية وألزمت المطعون ضده المصروفات .
ثانياً : بقبول الطعن رقم 12081 لسنة 46 ق. عليا شكلاً ورفضه موضوعاً , وألزمت الطاعن المصروفات .
مع تحيات الأستاذ محمد سالم للاستشارات القانونية
19ب عمارات العبور - صلاح سالم - القاهرة