بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
( الدائرة الأولى- موضوع )
بالجلسة المنعقدة علناً فى يوم السبت الموافق 8/5/2004برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / السيد محمد السيد الطحان ويحيى خضرى نوبى محمد وأحمد عبد الحميد حسن عبود وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى . نــواب رئيس مجلس الدولةوبحضور السادة الأساتذة الشخصيــات العامـــة : أ . د/ حامد طاهر حســــانين فـــؤاد , أ.د / سمير ريــــــاض عبد البـــارى هـــــلال , أ . د هــــــانى محمـد عز الدين الناظر , السفير / رخا أحمد حسن , أ .د / حسن حسين البيلاوى .وبحضور السيد الأستاذ المستشار / فريد نزيه حكيم تناغو نائب رئيس مجلس الدولة ومفـــوض الدولةوبحضور السيد / كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي فى الطعن رقم 2293 لسنة 49 القضائية عليا المقــــــــــام من السيد / عاطف أحمد عبد الله بودى بصفته وكيلاً عن المؤسسين لحزب مصر السلام تحت التأسيس
ضــــــــــد
رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية " بصفته "
فى يوم الثلاثاء الموافق 21/12/2002 أودع الأستاذ / ......... المحامى بالنقض والإدارية العليا , بصفته وكيلاً عن السيد / عاطف أحمد عبد الله بودى بصفته وكيلاً عن المؤسسين لحزب مصر السلام تحت التأسيس , قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن , قيد بجدولها برقم 2293 لسنة 49 ق عليا , فى قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية الصادر بتاريخ 26من نوفمبر سنة 2002 بالاعتراض على الطلب المقدم من الطاعن بتأسيس حزب باسم حزب مصر السلام .
وطلب الطـــاعن فى ختام تقرير طعنه – وللأسباب المبينة به – قبول الطعن شكلاً , وبإلغاء القرار المطعون فيه , وبقبول الحزب وتمكينه من اللحاق بالأحزاب القائمة .وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن , ارتأت فيه , قبول الطعن شكلا , وفى الموضوع بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية المطعون فيه , مع ما يترتب على ذلك من آثار , مع إلزام الجهة المطعون ضدها المصروفات .
وتم نظر الطعن أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات , إلى أن تقرر إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات فى شهر حيث أودعت الجهة الإدارية المطعون ضدها مذكرات بدفاعها طلبت فى ختامها الحكم برفض الطعن .
وبجلسة اليوم صدر الحكم , وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
المحكمــــــــــــــــــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق , وسماع الإيضاحات , والمداولة قانونا .
من حيث إن الثـــــابت من الأوراق , أن القــــرار المطعـــون فيه صدر بتاريخ 26/11/2002 , وأودع تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 21/12/2002 أى خلال الميعاد المنصوص عليه فى المادة (Cool من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية .
وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية , فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً .
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن كان قد تقدم بتاريخ 30/7/2002 بصفته وكيلاً عن طالبى تأسيس حزب جديد باسم " حزب مصر السلام " بإخطار إلى المطعون ضده بالموافقة على تأسيس الحزب المذكور , وأرفق بالإخطار برنامج الحزب ولائحة نظامه الأساسى والمالى , وكشفا بأسماء الأعضاء المؤسسين البالغ عددهم ستة وخمسين عضواً منهم أربعة وعشرون عضواً من الفئات واثنان وثلاثون عضواً من العمال والفلاحين مصدقا على توقيعاتهم جميعا , وعرض الإخطار على لجنة شئون الأحزاب السياسية بجلسة 26/11/2002 فقررت الاعتراض على الطلب المـقدم من الطـــاعن بتأسيس الحـــزب المذكور وذلك تأسيساً على ما يـــــــأتى :
أولا: أنه بالنسبة لما أورده الحزب من أن فلسفته تقوم على السلام العادل والشامل وعلى تحقيق الديمقراطية الكاملة فإن مصر قد اختارت السلام العادل والشامل هدفا أكدته وثيقة إعلان الدستور , وتقوم القيادة السياسية بدور محورى هام من أجل إخراج عملية السلام من مأزقها الحالى وإعادتها إلى مسارها الصحيح , وصولاً إلى تحقيق المنشود , مع التأكيد على المسئولية الخاصة بالولايات المتحدة الأمريكية فى اتجاه إنجاز ســــلام عادل وحقيقى . كما أنه لا حاجة لما ينادى به الحزب من إعلان مصر دولة سلام , لأن ذلك حقيقة واقعة لا خلاف عليها . وأما عن دعوة الحزب إلى تأسيس مجموعة دول سلام فإن مصر تكثف جهودها لجمع شمل هذه الدول والتعاون معها , وإن كان إنشاء هذه المجموعة أمراً لا تنفرد دولة بتقريره .
ثانيا: أن الحزب لم يأت بجديد بخصوص التصدى للإرهاب الذى تهتم به الدولة حتى قبل أحداث 11 من سبتمبر سنة 2001 , وكان رئيس الجمهورية أول من نادى بوجوب مواجهته باعتباره خطراً يهدد العالم بأسره . هذا بالإضافة إلى أن برامج الأحزاب القائمة تعرضت لهذا الموضوع والتى أفردتها اللجنة المطعون على قرارها بالبيان ص 9 منه .
ثالثا : أنه فيما يطالب به الحزب بصدد الهجمة الشرسة ضد الكيان العربى والإسلامى والمسماة بصراع الحضارات فإن علماء الدين وفقهاء الإسلام فى جميع بقاع العالم يتصدون لهذه الحملة , مؤكدين أن الدين الإسلامى دين سلام ومحبة وإخاء , وأن الحضارات المختلفة تتواصل ولا تتنافر .
رابعا : أن ما أورده الحزب من أنه يسعى إلى إلغاء حق العضوية الدائمة لبعض الدول بمجلس الأمن فإن مسعاه مثار على الساحة الدولية ولا يحوى جديداً , كما أن ما ينادى به الحزب من إحياء الانتماء الوطنى وتنقية الأخلاق فإن ذلك يندرج ضمن السلوكيات , ويقع عبؤه على كل من الأسرة والمدرسة والجامعة ووسائل الإعلام , وكذلك المؤتمرات التى تنظمها الأحزاب , كما أن دعوته لإنشاء مشروع قومى لهذا الغرض وردت مرسلة دون تفصيل . أما عن دعوته إلى تحقيق الديمقراطية فإن مصر قطعت شوطا كبيراً فى هذا الخصوص , كما أن حرية العقائد والتعبير من أجل إرساء دعائم الديمقراطية التى يطالب بها الحزب مكفولة بنصوص الدستور .
خامسا: أن ما يطالب به الحزب من إصدار تشريع يلزم الدولة بتحمل مسئوليتها كاملة عن فاقدى الأهلية فإن الولاية على هؤلاء ينظمها القانون على النحو الذى يرعى مصالحهم ويصون أموالهم , كما أن الحزب لم يوضح تفاصيل التشريع الذى يقترحه . أما ما يطالب به الحزب من إلزام الدولة بالتعويض عن كل ضرر لا تتوصل الأجهزة المعروفة إلى معرفة سببه فإن الحزب لم يوضح سنده القانونى فى ذلك . كما أن ما يدعو إليه من تحريم وتجريم كل محاولات الاستنساخ ومنع دخول أى مستنسخ إلى البلاد أو تداوله بأى صورة من الصور أمر يثير جدلاً علميا فى الوقت الحالى , وتعقد فى شأنه المؤتمرات والندوات الدولية والمحلية وتتناوله وسائل الإعلام من كافة جوانبه العلمية والدينية وكذلك الشأن بالنسبة لما نص عليه الحزب فى المادة (19) من ميثاقه من رفضه لنقل الأعضاء البشرية بين الأحياء أو نقلها من ميت إلى حى .
سادسا : أن ما ينادى به الحزب من رفضه للزواج العرفى أمر يتصدى له علماء الدين والاجتماع ووسائل الإعلام المختلفة . كما أن دعوة الحزب إلى تشديد عقوبة المخدرات لا جديد فيها لأنها إحدى الوسائل المطروحة لمعالجة هذه الظاهرة . أما عن مطالبته بإصدار تشريع يبيح لزوجة المتعاطى طلب التفريق فإن ذلك متاح للزوجة باعتباره سببا لطلب التطليق للضرر دون حاجة إلى إصدار تشريع جديد .
سابعا : أن ما يطالب به الحزب من تطوير الفكر الإدارى وإنشاء هيئة قومية متخصصة لأبحاث الإدارة جاء غير مقرون بسياسة واضحة , أو دراسة تفصيلية للتطوير الذى ينشده الحزب , كما أن هذا التطوير دعا إليه رئيس الجمهورية , أما عن مطالبته بتعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية فإن ذلك متروك للسلطة التقديرية لرئيس الجمهورية , كما أن ما ينادى به من إلغاء حالة الطوارئ ليس بالأمر الجديد حيث إنه مطـــروح على الســاحة وتـــناولته الأحـــزاب القائمة مثل حـــزب التجمــع الوطنــى ص 187 وحزب الأمة ص 7 وحزب مصر العربى الاشتراكى ص 152 . وبخصوص دعوة الحزب إلى إلغاء النص فى الدستور على أن نظام الدولة هو النظام الاشتراكى يتعارض مع اعتناق الحزب للاشتراكية واعتبارها من أنسب النظم لمصر فى الوقت الحالي مما يدل على عدم تمسكه بمبادئه وسياساته . كما أن دعوته إلى إلغاء نصوص الدستور التى تشترط أن يكون نصف الأعضاء المنتخبين بمجلسى الشعب والشورى وبالمجالس الشعبية المحلية من العمال والفلاحين لا تستحدث جديداً , بل هى مطلب مثار وله مؤيدوه ومعارضوه . كما أن ما يطالب به من إلغاء المادة (53) من الدستور الخاصة بحق الالتجاء السياسى للأجنبي وحظر تسليم اللاجئين السياسيين فإنه مردود عليه بأن ذلك إنما يأتى لاعتبارات سياسة ومصالح عليا تقدرها الدولة .
ثامنا : أن مطالبة الحزب بضرورة الالتزام بنظام تأميني عادل لتعويض حوادث النقل وردت دون تفصيل لهذا النظام , كما تحرص الحكومة على تأمين الطرق ووسائل النقل المختلفة من أجل ضمان سلامة الركاب والمحافظة على أرواحهم , وتقدم المعونات العاجلة لمصابي وضحايا حوادث النقل , كما قامت هيئة السكة الحديدية بالتأمين على ركاب القطارات , كما تم إعداد مشروع نظام تأميني ضد حوادث الطرق السريعة ذات الرسوم , كما أن ما يطالب به الحزب من ضرورة فهم طبيعة وإمكانات القوى البشرية الفاعلة فى المجتمع للارتقاء بمعدلات الأداء جاء فى عبارات مرسلة غير مصحوبة برؤية أو خطة يدعو الحزب إلى تطبيقها .
تاسعا : أن ما يقدمه الحزب من مقترحات لمعالجة قصور الوعي السياسي والدستوري لدى المواطنين وسلبية المشاركة السياسية ليس وليد بلوغ المواطن سناً معينة كما يدعى الحزب أو استخراج بطاقته الانتخابية ، ذلك أن غياب الوعي السياسي لدى المواطنين يرجع إلى غياب التنشئة السياسية وعدم غرسها داخل الطفل منذ سنوات عمره الأولى، وهى مسئولية الأسرة والمؤسسات التعليمية، وبصدد ما أورده الحزب من ضعف تمثيل المرآة فى المجالس النيابية فإنه لا يوجد موانع تحول دون ممارسة المرأة حقها فى الترشيح لعضوية هذه المجالس كما قامت اللجنة بالرد على مقترحات الحزب لإعادة هيكلة النظام النيابي والانتخابي رافضة إياه على النحو المبين تفصيلاً ص 27،28 من القرار المطعون فيه والذى تحيل إليه المحكمة منعا من التكرار، وكذلك الحال فيما يتعلق بمقترحاته بالنسبة للفصل فى صحة العضوية ص 29،28 وحق المواطن فى ازدواج الجنسية ص 31،30،29 ومطالبته بتحقيق رقابة دستورية على القوانين قبل صدورها مشيرة إلى أن المشرع المصري يأخذ بالرقابة اللاحقة على دستورية القوانين، وأن قسم التشريع بمجلس الدولة يقوم بدور فعال فى مراجعة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية التى تقترحها الحكومة لضمان حسن صياغتها وموافقتها للدستور.
عاشرا : أن ما أورده الحزب فى مجال السياسة الخارجية والعلاقات الدولية لا يعدو أن يكون مجرد إشارات موجزة لمبادىء دولية عامة وشعارات بنادي بها الرأي العام العالمي، وبالنسبة لمطالبة الحزب بحرية انتقال الأفراد فإن هذه الحرية مقررة بين مصر وبعض الدول العربية وتقريرها بالنسبة للبعض الآخر يحتاج إلى عقد اتفاقيات معها أو تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل , أما الدعوة لإيجاد نظام اقتصادي عالمي وكذلك إلى إنشاء صندوق عالمي لمواجهة الكوارث الطارئة فى شتى بقاع العالم فإن هاتين الدعوتين وردتا فى عبارات مرسلة دون توضيح , كما أن ما يطالب به الحزب فى مجال سياسة مصر وعلاقاتها الدولية عبارة عن مبادىء عامة مطبقة فعلاً، كما أن مطالبته بعدم إجراء مناورات عسكرية مشتركة مع غير دول السلام مردود عليه بأن الهدف من إجراء هذه المناورات هو الوقوف على التطورات المتلاحقة فى القدرات العسكرية للدول الأخرى ومواكبة التقدم فى هذا المجال كما أن ما يدعو إليه الحزب من حظر امتلاك أسلحة الدمار الشامل هو ذاته موقف مصر عام 1990.
حادى عشر : أن ما ينادى به الحزب من أن تحظى دول حوض النيل بعلاقات خاصة ومتميزة إلى أبعد الحدود مع مصر مردود عليه بأن علاقة مصر مع هذه الدول قوية وراسخة، وتحظى باهتمام بالغ وعناية متميزة، وتقوم القيادة السياسية والدبلوماسية المصرية بدور إيجابى وفعال فى حل الخلافات التى تنشأ بين دول حوض النيل بالطرق السلمية ، تحقيقا للأمن والسلام والاستقرار بين هذه الدول جميعها دون تدخل فى شئونها الداخلية، وهو ذات المتبع بالنسبة للسودان الشقيق. أما عن العلاقات المصرية العربية فقد قامت اللجنة بالرد على ما يطالب به الحزب فى هذا الخصوص مشيرة الى أن بعضها منصوص عليه فى الدستور وبعضها الآخر مطروح على الساحة العربية كما أن الأحزاب السياسية القائمة تدعو في برامجها إلى الوحدة العربية والتضامن العربى وقيام السوق العربية المشتركة ومنها الحزب الوطني الديمقراطى ص28 وحزب الأحرار الاشتراكيين ص40-42 وحزب العمل الاشتراكى ص34-36 وحزب الوفد الجديد ص15 و16 والحزب العربى الديمقراطى الناصرى صـ 19 و 20 وحزب الأمة ص 24،23 وحزب العدالة الاجتماعية ص71 , أما عن العلاقات المصرية الأفريقية فقد أشارت اللجنة إلى أن مصر تبذل جهوداً ضخمة لتعميق التكامل والتعاون مع دول القارة الإفريقية، وتكثيف الوجود المصري في هذه الدول، كما تقوم حكومة الحزب الوطني الديمقراطي حاليا بوضع استراتيجية جديدة للتنمية بين مصر وإفريقية وبالتالي فإن ما يقدمه الحزب في هذه الخصوص إما منفذ فعلاً أو يجرى دراسته والعمل على تنفيذه أو يدعو إليه الاقتصاديون ورجال الأعمال كما تدعو الأحزاب القائمة إلى السوق الأوربية المشتركة ومنها حزب مصر الفتاة ص 13 وحزب الخضر ص 76 وحزب العدالة الاجتماعية ص 71 كما أن ما يدعو إليه الحزب بخصوص المحور الإسلامى إنما هو تأييد للسياسة المصرية بصدد الحفاظ على المقدسات الإسلامية ومن بينها القدس الشريف أما عن دعوته للقيام بدور فعال في إظهار الوجه الحقيقي المشرق للإسلام فإن هذا هو الحاصل فعلاً ولا جديد فيه.
ثاني عشر : أنه عن السياسة الاقتصادية فقد قامت اللجنة بالرد على برنامج الحزب مشيرة في ـ خصوص دعوة الحزب إلى دعم وتنمية القطاع العام ووقف عمليات الخصخصة – بأن الحكومة حريصة على تطوير وإصلاح القطاع العام ليقوم بدوره القيادي وبتحمل المسئولية الرئيسية فى خطة التنمية، وأن قيام الدولة بخصخصة بعض شركات القطاع العام فإن ذلك لا يمتد إلى الصناعات الثقيلة والمشروعات التى تتولى الموارد الطبيعية كالنفط أو غير ذلك مما ذكرته اللجنة، وأن هدفها من الخصخصة هو بناء الاقتصاد المصري، واستعادة حيويته، ووقف نزيف خسائر بعض شركات القطاع العام التي يتحملها المواطنون وتهدر المال العام، كما أن الحكومة تعمل على تشجيع القطاع الخاص ودعمه في جميع المجالات، وبصدد مطالبة الحزب بإنشاء مناطق تجارية وسياحية وإنتاجية حرة وخاصة بالساحل الشمالي مع الاسترشاد بتجربة دبي فإن إقامة المناطق الحرة بقصد تشجيع زيادة الاستثمارات تندرج ضمن سياسة الدولة فى هذا الخصوص، أما عن تجربة دبي فلم يوضح الحزب فى برنامجه ماهية هذه التجربة. وعن مطالبة الحزب بالتوسع فى تخصيص أراضى الدولة للمواطنين لأغراض الاستزراع وإقامة المشروعات وتبنى الحزب شعار الأرض مقابل العمل فإن الحكومة تقدم التسهيلات لتملك الأراضي الزراعية والصحراوية المستصلحة والقابلة للاستصلاح ، وتلك اللازمة لإقامة المشروعات الإنتاجية، وذلك بأسعار مناسبة وقروض ميسرة طويلة الأجل، أما عن الشعار الذي يتبناه الحزب ( الأرض فى مقابل العمل) فقد جاء في عبارة مرسلة تفتقر إلى الإيضاح. كما أن ما يطالب به الحزب من تنمية الثروة الحيوانية فإن ذلك أمر تنتهجه الدولة واهتمت به برامج الأحزاب التى أوردتها اللجنة تفصيلاً ص 54 من قرارها المطعون فيه، وكذلك الحال بالنسبة لتشجيع الاختراعات والابتكارات (ص55) ومشكلة البطالة (ص55-59) وبرامج التنمية (ص59-61) وبرامج القطاع العام(ص61-62) ودور القطاع الخاص والتعاوني (ص62-64) والاستثمار العربي والأجنبي (ص64-66) والقطــــــــاع المصرفى(ص66-67) والنظــــــــام الضريبي (ص67-68) ومن ثم تحيل إليها المحكمة منعاً للتكرار.
ثالث عشر: أن ما يطرحه الحزب في برنامجه بشأن تنمية الموارد المائية فإن حكومة الحزب الوطني الديمقراطي تنتهج سياسة مائية رشيدة تقوم على خطط سليمة وأبحاث متعمقة ومستفيضة حققت نتائج إيجابية ملموسة، أما ما يطالب به الحزب من إنشاء جهاز تقنين ومراقبة استخدامات مياه الري ومحاسبة المتسبب فى إهدارها، ومطالبته بدورة زراعية واعية فقد وردت هذه المطالب في عبارات عامة لا تتضمن رؤية واضحة بشأنها , مشيرة في هذا الخصــــوص إلى أن برامج الأحـــزاب القائمة التي أوردت ذكرها ص 72 – وتحيل إليها هذه المحكمة تدعو إلى ترشيد استخدام مياه النيل وتنمية الموارد المائية , وتطوير وسائل الرى واستخدام مياه الصرف بعد المعالجة، واستخدام المياه الجوفية فى حدود آمنة، كما أن ما يدعو إليه الحزب من الاهتمام ببحيرة ناصر وبضمان المياه الواردة إليها وتنميتها وترشيد استهلاكها وتقليل الفاقد منها أمر حاصل فعلاً، أما بالنسبة للمشروع المقدم من الحزب للحد من فاقد مياه البحيرة نتيجة للبخر فيحتاج الى مزيد من الدراسة التفصيلية المتعمقة، وبخصوص ما أورده الحزب بشأن الثروة السمكية ببحيرة ناصر, فإنه أمر تتبناه حكومة الحزب الوطني الديمقراطي ولا يقتصر على تلك البحيرة وإنما يمتد الاهتمام إلى النيل والبحيرات والشواطىء البحرية الطويلة والمزارع السمكية، كما أنه أمر تهتم به الأحزاب التي أوردتها اللجنة تفصيلاً ص 77 وتحيل إليها المحكمة منعاً للتكرار.
رابع عشر : أن ما أورده الحزب في برنامجه بشأن أزمة المياه والصراع المائي بين دول حوض النيل، فإن الاهتمام بنهر النيل أمر واقع فعلاً، ومصر حريصة على تحقيق الصلات الطيبة مع دول حوض النيل، وتعقد اجتماعات دورية مع وزراء المياه بهذه الدول بهدف التنسيق بينها وإقامة مشروعات مشتركة لتنمية موارد النهر واستغلال طاقاته، وبالنسبة لاقتراح الحزب بتسعير مياه الري أو على الأقل سداد مقابل الإسراف فى استخدامها فإن ذلك مثار أمام المجتمع الدولي، أما عن اقتراح الحزب بالبحث عن حلول وإجراء دراسات ومشروعات للحد من فقدان المياه فإن الحزب لم يضمن مقترحه ماهية هذه الحلول والدراسات، كما لم يوضح خططه لتحقيق ما يدعو إليه فى هذا الشأن.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على القرار المطعون فيه الفساد فى الاستدلال بدعوى أن قرار اللجنة لم يتناول التميزات التى تناولها الحزب فى برنامجه من موضوعات تهم الساحة المصرية، والتي تجعلها متميزة عن الأحزاب القائمة وذلك على التفصيل المبين بتقرير الطعن والذى تحيل إليه المحكمة منعاً للتكرار.
ومن حيث إن المادة (1) من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية تنص على أن " للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية، ولكل مصري الحق فى الانتماء لأي حزب سياسي وذلك طبقاً لأحكام هذا القانون" فى حين تنص المادة (2) من ذات القانون على أن " يقصد بالحزب كل جماعة منظمة تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون وتقوم على مبادىء وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك عن طريق المشاركة فى مسئوليات الحكم" كما تنص المادة (4) من ذات القانون على أن " يشترط لتأسيس أو استمرار أى حزب سياسي ما يلى: أولا : عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه فى ممارسة نشاطه مع: (1) مبادىء الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع.
(2) مبادىء ثورة 23 من يوليو 1952 و 15 من مايو 1971.
(3) الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية. ثانيا : تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه فى تحقيق هذا البرنامج تميزا ظاهراً عن الأحزاب الأخرى ".
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق أن قضت فى القضية رقم 44 لسنة 7ق دستورية بأن هذا الشرط دستوري بحسبانه ضماناً للحرية، وحتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقية تسانده، وأن يكون فى وجود الحزب إضافة جديدة للعمل السياسي ببرنامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى، إثراء للعمل الوطني ودعما لممارسة الديمقراطية، تبعا لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتوسعة لنطاق المفاضلة بينها، واختيار أصلح الحلول وأنسبها.
ولما كانت الأحزاب السياسية تلتزم باحترام المقومات والمبادىء الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها فى الدستور طبقا للمادة (5) منه، كما تلتزم بألا تتعارض مقوماتها ومبادئها وأهدافها وبرامجها وسياساتها وأساليبها مع مبادىء كل من الشريعة الإسلامية وثورتي 23 من يوليو 1952 و15 من مايو 1971، وتلتزم بالحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية على النحو المنصوص عليه في المادة (4) أولا : من قانون الأحزاب المشار إليه، فإن مؤدى ذلك ولازمه ضرورة أتفاق الأحزاب القائمة منها وطالبة التأسيس فى أمور غير مسموح بشأنها الاختلاف دستوريا وقانونيا، مما يجعل التميز محصورا فى غير هذه الأمور ، وبالتالي يكون التماثل والتطابق مفترضا فى المقومات الأساسية على نحو لا يمكن معه أن يكون عدم التميز فيــها مانعا دون تأسيس الحزب واستمراره، وإنما اشترطــت المادة (4) . ثانيا : تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه فى تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهرا عن الأحزاب الأخرى، وهى فى هذا الشرط لا تتطلب الاختلاف التام أو التباين المطلق، ولكن استلزمت – فحسب – التمايز الظاهر مما يكتفي معه بالاختلاف والتباين ولو جزئيا أو نسبيا مادام بارازًا على نحو يفرق الحزب عن سواه، ويميزه عن غيره في البرامج أو السياسات أو الأساليب المرسومة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن حزب مصر السلام ( تحت التأسيس) لم يضمن برنامجه أى جديد يكسبه ملامح الشخصية الحزبية المتميزة والتي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي وتميزه تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب القائمة , حيث جاء هذا البرنامج فى جملته ترديداً لبرامج وخطط وسياسات قائمة – على نحو ما استظهرته وبحق لجنة شئون الأحزاب فى قرارها المطعون فيه – أو يجرى تنفيذها فعلاً ، كما تناول مجالات لا جديد فيها مطروحة سلفا على الساحة أو تعرضت لها برامج الأحزاب القائمة ، فضلاً عن أن الأغلب الأعم من الموضوعات التي وردت بالبرنامج جاءت فى عبارات مرسلة لا تحمل أى سياسة واضحة ومحددة، بالإضافة إلى أن الحزب لم يعرض فى برنامجة لعديد من الموضوعات الحيوية كالتعليم والصحة والإسكان والتعمير والمجتمعات العمرانية والأسرة والأمومة والطفولة والبيئة والسياحة والريف والإعلام والثقافة مما يشوب هذا البرنامج بالقصور ، الأمر الذي يكون معه الحزب المطلوب تأسيسه غير جدير بالانضمام إلى حلبة النضال السياسي مع باقي الأحزاب القائمة، ومن ثم يكون قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية المطعون فيه قد قام على أسباب مستخلصة استخلاصهاً سائغا من الأوراق، وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها اللجنة، ومن ثم يتعين الحكم برفض الطعن.
ومن حيث إنه لا يغير مما تقدم ماساقه الطاعن فى تقرير طعنه من أسباب ليدلل بها على تميز حزبه عن الأحزاب القائمة على الساحة السياسية لأنها لا تعدو أن تكون ترديداً لما سبق بيانه فى مقام الرد على برنامج الحزب من أنها أفكار ومبادىء عامة قائمة ومطبقة فعلاً أو يجرى العمل على تنفيذها وتطبيقها أو أنها وردت فى برامج الأحزاب القائمة.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
" فلهـــذه الأســـــباب "
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً ، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.
مع تحيات الأستاذ محمد سالم للاستشارات القانونية
19ب عمارات العبور - صلاح سالم - القاهرة